لماذا اختيرت سرس الليان ؟
لم تكن دعوة مصر لليونسكو لإنشاء مركز "التربية الأساسية" بها ناشئة من فراغ كما لم يكن اختيار سرس الليان مقرا لهذا المركز مجرد صدفة أو بداية للطريق, ذلك أن الحكومة المصرية قد أنشأت في عام 1946 مجلسا أعلي لمكافحة الفقر والجهل والمرض وكانت الفكرة في إنشاء مجلس أعلي لمكافحة الفقر والجهل والمرض ظواهر مترابطة يقوي بعضها البعض, ومن ثم يلزم تنسيق الجهود لمكافحتها معا وفي وقت واحد.
واختيرت " قرية سرس الليان" مركزاُ للتجربة النموذجية في تنسيق الخدمات الحكومية في ميادين الاقتصاد الريفي والتعليم العام والصحة.
وكانت سرس الليان آنذاك (1946), بموقعها وسط الدلتا علي بعد حوالي 65 كيلو متر إلي الشمال من القاهرة ممثلة للأحوال السائدة في الريف المصري, إذ برغم خصوبة الأرض وزيادة إنتاجيتها فإن كثافة السكان تجعل نصيب الفرد من الإنتاج ضئيلا, مما أدي إلي البطالة الكاملة والجزئية وانخفاض مستوي المعيشة وبالتالي أسفر ذلك عن تدني الأحوال الصحية والإجتماعية. وبالتعاون مع الأهالي أمكن للحكومة أن تنشئ في سرس الليان والقري المحيطة بها شبكة من المراكز الاجتماعية, والوحدات الصحية, والمدارس الريفية, والوحدات الزراعية, ولكن ظهر من تجربة سرس الليان الحكومية أن هناك حاجة ماسة إلي عدة عناصر:
* اولاً: الإخصائيون المدربون تدريبا كافيا على مخاطبة الجماهير و التعاون معهم وقيادتهم نحو الاصلاح.
* ثانيا: البحوث الاجتماعية العلمية التى تكشف حاجات المنطقة و امكانيات تنميتها.
* ثالثا: توفير المواد التعليمية المناسبة لحاجات الأهالى ومستوياتهم الثقافية خاصة كتب تعليم الكبار ووسائل الاعلام الجماهيرية كالافلام و التسجيلات الصوتية و الملصقات وغيرها.
* رابعا: توحيد العملى وتنسيق الجهود بين مختلف الجهات العاملة فى الاصلاح بحيث تقوم باخدمة فرق تضم اخصائيين فى مكافحة الأمية, و التربية الصحية, واالارشاد الزراعى, و الصناعات الريفية, و التدبير المنزلى إلخ.. فى وقت واحد.
من هنا كان اختيار " سرس الليان" مقرا للمركز أمراً طبيعيا, فالأرض ممهدة تماما لفكرة " التربية الأساسية " من وقت سابق علي صياغة اليونسكو لمفهومها, ومرافق التدريب الميداني متوفرة, إذ يوجد في حدود دائرة نصف قطرها أميال قليلة, قرية كبيرة ومدينة صغيرة وعدد كبير من القري يمكن الإستفادة " كمعامل " للمركز, كذلك كان في هذه المنطقة بالفعل 18 مدرسة تديرها وزارة الشئون الاجتماعية و18 مدرسة ريفية جديدة تديرها وزارة المعارف (آنذاك) وست وحدات صحية , ذلك بالإضافة الي وجود مكتب للإرشاد الزراعي وملاعب رياضية وفصول لمحو الامية.